المقالات

حرف واحد يُنهي أمانك: هجمة الكتابة الملتبسة

الكاتب:
ريجينا الأحمدية

خفف التصحيح التلقائي عنا عناء التدقيق، لكنّه أيضاً رمى باباً مفتوحاً للمخادعين. كنا نكتب بلا حساب ونثق بالشاشة؛ فاستغلّ المهاجمون هذا #النعاس_الرقمي بحيلة أصبحت تُعرف بـ”#الكتابة_ الملتبسة”  حيث يتحوّل خطأ مطبعي بسيط إلى بوابة للاختراق والاحتيال.

باختصار، الكتابة الملتبسة (Typosquatting) هي تسجيل أو استخدام أسماء نطاقات أو أسماء حزم برمجية أو روابط تشبه تماماً الأصلية، بفارق حرف أو رمز واحد أو استبدال بحرف شبيه بصرياً، لخداع المستخدمين وإيهامهم بأنهم على الموقع أو الحزمة الصحيحة، ثم سرقة بياناتهم أو نشر #برمجيات_خبيثة. هذه الحيلة تقوم على ثقة الروتين: نحن ننسخ، نلصق أو نضغط بلا تفكير.

ومن التطورات والتكتيكات التي جعلت الهجوم أكثر خطورة:

– الاستبدال البصري (homoglyph / IDN spoofing) : استخدام حروف من أبجديات أخرى تشبه الحروف اللاتينية مثلاً حرف سيريلّي شبيه بالـ oلجعل الرابط يبدو طبيعياً للعين بينما يشير إلى نطاق مختلف.

– التسمية الخبيثة لحزم البرمجيات (package typosquatting) : مهاجمون يُنشئون حزماً على مستودعات مثل npm أو PyPI بأسماء قريبة من الحزم الشهيرة، وعند تنزيلها ينزل معها كود خبيث.

– التسميم عبر محركات البحث والإعلانات المدفوعة (SEO poisoning /  malvertising) : شراء إعلانات مدفوعة أو تحسين صفحات مزوّرة لتمجّد نفسها في أعلى نتائج البحث، فتقنع المستخدمين بأنهم على صفحة التحميل الرسمية. هذه التكتيكات لا تزال فعّالة كما أكدت التقارير الحديثة حول الإعلانات المزيفة لتطبيقات مشهورة.

– توقيعات رقمية مسروقة أو مزورة: توقيع الملفات بختم رقمي مزيف أو مسروق يعطيها واجهة شرعية ويخدع أدوات الكشف أحياناً، ما يزيد من نجاح الحملة.

 

وقد رُصدت في الأسابيع الأخيرة حملة تستخدم إعلانات محرك البحث لاستدراج ضحايا يبحثون عن «مايكروسوفت تيمز» إلى صفحات مزوّرة تحمل مثبتات تبدو أصلية، لكنها تُدخِل برمجية تحميل خلفية تُعرف بـOysterLoader أو Oyster backdoorالتي تمكّن المهاجم من الوصول المستمر للنظام ثم نشر #برمجيات_فدية لاحقاً. كما استخدمت مجموعة الفدية التي وُصفت بأنها وراء الحملة Rhysida وفرق مرتبطة، عشرات من شهادات التوقيع المزيفة أو المسروقة، وأحيانًا المئات منها لإعطاء المثبتات طابعاً موثوقاً، ما دفع مايكروسوفت والباحثين لإلغاء وحجب عدد كبير من هذه الشهادات مؤخرًا. هذه الهجمة مثال حي على كيفية دمج #الكتابة_الملتبسة مع تقنيات #التوقيع_الرقمي والإعلانات المدفوعة لتحقيق اختراقات واسعة.

هذا الخطر لم يَعُد خدعة بسيطة، لأن الخلل يحدث في مستوى الثقة اليومي، ويكفي أن يبدو رابطًا مألوفاً.

ولأن أدوات الهجوم باتت مؤتمتة، كتوليد نطاقات، تسجيلها وترويجها الذي يمكن أن يتم بآلاف في دقائق.

ولأن استهداف سلاسل التوريد البرمجية يجعل إصلاح الضرر مكلفاً ويمنح المهاجم نافذة وصول طويلة الأمد.

لكن، It’s never too late… فإليكم بعض الخطوات العملية القابلة للتنفيذ على المستوى الفردي والمؤسسي:

للفرد:

– لا تثق بالإعلانات للتحميل، أكتب العنوان يدوياً أو استخدم مصدر التحميل الرسمي.

– افحص شهادة الموقع (قفل المتصفح) وتحقق من اسم النطاق بالكامل.

– فعّل نظام تحديثات المحلّي وبرامج مكافحة #البرمجيات_الخبيثة، واستخدم حظر الإعلانات عند الضرورة.

للمؤسسة:

– عليكم برصد ومراقبة نطاقات مشابهة لعلامتكم التجارية (domain monitoring / brand protection).

– قوموا بفرض سياسات تثبيت البرامج عبر قنوات رسمية فقط (whitelisting + application control).

– اعملوا على فحص تكامل الحزم (supply-chain checks) قبل قبول تحديث أو مكتبة خارجية.

– ودائمًا استعدوا لرد الفعل: كخطة احتواء سريعة، وإجراءات لإبطال الشهادات والتواقيع المشبوهة.

الخطأ المطبعي لم يعد حميداً؛ بل أصبح مدخل محتمل لحرب سيبرانية تبدأ بـ«حرف مفقود» وتنتهي بشلل بيانات. ففي زمن تتزايد فيه أدوات الدفاع والهجوم معاً، تصبح العادة الرقمية، المبنيّة على التحقق البطيء والمبني على الشكّ، سلاحك الأفضل. لا تدع الشاشة تُصحّح لك كل شيء: تحقق قبل أن تنقر.

Tags

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا حتى لا تفوتك أحدث الأفكار والأخبار الأمنية.

مقالات مماثلة

اللغات: